الصفحة الرئيسية  اقتصاد

اقتصاد في درجة حرارة فاقت الـ45: خمــس ولايـات تونسيـة تعـانـي العــطـــش..

نشر في  20 جويلية 2016  (09:17)

تعاني قرابة 180 عائلة بمنطقة كرشاو من معتمدية الصمار بتطاوين من انقطاع الماء الصالح للشراب، وتوجد قرابة 370 عائلة بغار الدماء التابعة لولاية جندوبة تعاني هي الأخرى من انقطاع الماء الصالح للشراب، وفي جبناية من ولاية صفاقس خرج مؤخرا عدد من الأهالي في وقفات احتجاجية منددة بالانقطاع المتواصل للماء الصالح للشراب..

كما شهد شهر جويلية أيضا انقطاعا للماء بكل من دقة وبرج ابراهيم وتبرسق المدينة وفدّان السوق والمنشية وغيرها من المناطق المرتفعة بمعتمدية تبرسق من ولاية باجة، وذلك بسبب ضعف منسوب المياه بتبرسق وخاصّة بمرتفعاتها نظرا لانخفاض مستوى المائدة المائيّة بمحور تبرسق وسليانة التى تتزوّد منها الجهة وسببه نقص الأمطار الذي يشهده الموسم الحالي.

اضطرابات وانقطاعات متواصلة في توزيع الماء الصالح للشراب تشهدها جلّ الولايات الداخلية، فمؤخرا تم تسجيل انقطاع في توزيع الماء الصالح للشراب بمختلف معتمديات ولاية الكاف على غرار الجريصة التي تشهد يوميا انقطاع للماء ولساعات طويلة، وبجندوبة ايضا حيث تعيش على سبيل الذكر لا الحصر مدينة ملولة من معتمدية طبرقة عدة اضطرابات في توزيع الماء الصالح للشراب.

وعرفت مدينة دوز من ولاية قبلي اضطرابات هي الأخرى في التزوّد بالماء الصالح للشرب. وشهدت منطقة كسرى من سليانة مؤخرا حالة احتقان تم خلالها غلق الطريق الرابطة بين المدينة والقيروان وذلك على خلفية الإنقطاع المتكرر للماء الصالح للشراب منذ شهر رمضان. وفي القيروان تظاهر أهالي منطقة أولاد حميد من عمادة سرديانة التابعة لمعتمدية السبيخة على خلفية انقطاع الماء الصالح للشراب، نفس الأمر بالنسبة لنصر الله حيث ندّد أهالي هذه المنطقة بالانقطاع المتكرّر للماء الصالح للشراب.

هذه الولايات وغيرها تعيش حالة مأساوية نتيجة الانقطاع المتواصل للماء الصالح للشراب في درجة حرارة فاقت الـ 45.

المدير المركزي للاستغلال في «الصوناد»: هذه هي الأسباب الحقيقية وراء اضطرابات التوزيع..

في البداية اتصلنا بالمدير المركزي للاستغلال بالشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه «الصوناد» عبد السلام السعيدي الذي أفاد أخبار الجمهورية أن 5 مناطق داخلية وهي ولايات جندوبة والكاف وسليانة وقفصة والقصرين هي اكثر المناطق التي تشهد اضطرابات في توزيع المياه، وذلك لأنها تعتمد على الآبار العميقة والتي تتأثر بطريقة مباشرة بنزول الامطار، حيث تدخل في خانة الموائد المائية المتجددة..

واضاف عبد السلام السعيدي أن تونس تعيش منذ قرابة 10 سنوات مرحلة جفاف، تفاقمت في السنوات الأخيرة ووصلت حدّ الخطر، حيث تسبب الأمر في انخفاض منسوب مياه الآبار العميقة وتأثرت الموائد المائية بالاضافة الى ارتفاع الاستهلاك في فترة الذروة وهو ما جعل هذه الولايات تتأثر وتسجل انقطاعات طبيعية في توزيع الماء الصالح للشراب، مؤكدا أن الاشكال هو طبيعي بحت ولا دخل للشركة فيه، رغم التدخلات التي تقوم بها وانفاقها لمصاريف مضاعفة من أجل ضخ مياه الآبار..

كما وضح أن الدولة بصدد انجاز بعض المشاريع المتأخرة والتي ستساهم في تجاوز اشكاليات الآبار العميقة ومن أهم هذه المشاريع تحويل المياه من السدود باتجاه هذه المناطق، كما أوضح أن منطقة كسرى من ولاية سليانة والتي شهدت مؤخرا احتجاجات بسبب انقطاع الماء الصالح للشراب كان من المفروض أن تتجاوز هذا الاشكال حيث أنفقت الدولة قرابة المليار في حفر بئر عميقة وانجاز محطة ضخ، لكن هذا المشروع تعطل نتيجة الاحتجاجات..

وفي ما يتعلق بمنظومة المياه الخاصة بكل من الوطن القبلي والساحل وصفاقس وما تشهده من اضطرابات في توزيع المياه أفادنا أن هذه المناطق تتزود بالمياه من سدّ نبهانة بالقيروان وسدّ سيدي سالم، موضحا أن الدولة قامت بايقاف سدّ نبهانة منذ شهر ماي الفارط نتيجة نضوب المياه فيه بعد انحباس الأمطار في السنوات الاخيرة، وذكر أن هذه الولايات تعاني من عجز قدر ب15 بالمائة، موضحا أن الشركة تقوم باستراتيجية الترشيد في الاستهلاك من اجل تجاوز هذا النقص.

واما بخصوص ولايات تونس الكبرى وبنزرت فأوضح ان هذه الولايات لا تعاني من اضطرابات باستثناء بعض الانقطاعات المتعلقة بالأعطاب التقنية، مشيرا الى أن الشركة تتحكم في 52 الف قناة مائية تحت الأرض وأن معدل الاعطاب يقدر ب50 عطبا يوميا..

وعن ولايات الجنوب، أفادنا انها لا تعاني من انقطاع للماء الصالح للشراب باستثناء جزيرة جربة التي تسجل خلال فصل الصيف اضطرابات بسبب ارتفاع نسبة استهلاك الماء، مضيفا أن مشروع محطة تحلية مياه البحر من المنتظر أن يستكمل خلال سنة 2017، موضحا ان هذا المشروع ستستفيد منه الى جانب جربة ولايتا قابس وصفاقس.

المدير العام للهندسة الريفية: المواطن يتحمل المسؤولية

وفي اتصال هاتفي جمعنا بالمدير العام للهندسة الريفية رضا قبوج، أفادنا أن أسباب انقطاع المياه على المناطق الداخلية للبلاد تعود بالأساس الى مشاكل فنية تفوق امكانات ادارة المجامع المائية، موضحا بأن المواطن يمتنع عن سداد فاتورة الماء وهو ما يحد من امكانات المجامع المطالبة بتوفير موارد مالية من أجل خلاص اليد العاملة ومصاريف الضخّ وصيانة المنظومة المائية اضافة الى فاتورة الكهرباء، وبين محدثنا أن أغلبية المجامع باتت عاجزة عن سداد هذه المعاليم والقيام بأشغال الاستغلال والصيانة، رغم أن الدولة تمول هذه المجامع بما قيمته 2 مليون دينار ونصف سنويا.

وذكر رضا قبوج أن سعر المتر المكعب يتراوح بين 200مليم ودينار واحد ورغم ذلك يرفض المواطن سداد معلوم فاتورة الماء. من جهة أخرى أفاد محدثنا أن المواطن بامكانه التشكي للجهات المسؤولة ان هو تأكد من وجود تقصير من قبل المجامع، رغم أن الأمر غير وارد على حدّ تعبيره

وزير الفلاحة: التونسي تحت خط الفقر المائي..

من جهته اكد وزير الفلاحة سعد الصديق في تصريحات اعلامية أنه سيتم تخصيص اعتمادات بقيمة 2400 مليون دينار لانجاز جملة من المشاريع المائية الكبرى في تونس بداية من العام الحالي والى غاية سنة 2020 واضاف خلال المؤتمر الثاني حول « المياه والنمو والاستقرار» ان الجهود متواصلة في تونس لمواجهة التحديات المستقبلية المتعلقة بتوفير المياه والتي ستكون « اصعب في بلادنا » خاصة بسبب محدودية الموارد المائية اذ لا يتجاوز معدل الفرد الواحد سنويا 460 مترا مكعبا أي ان التونسي هو تحت خط الفقر المائي..

وأكد الصديق ضرورة التوجه نحو المياه غير التقليدية أي المياه المالحة وتحلية ومياه البحر لضمان الحد الأدنى من الامن المائي والعمل على حسن التصرف في الموارد المتاحة خاصة وأن نسبة التحكم في المياه الجوفية والسطحية تعد نسبة متقدمة جدا في تونس اذ هي تصل الى 91 بالمائة.

واشار الى انه سيتم خلال هذه السنة اطلاق دراسة للمياه في أفق 2050 بهدف استشراف كل السيناريوهات الممكنة. واعلن ان الفترة القريبة القادمة ستشهد استكمال انجاز جملة من المنشات من بينها سد الحركة وسد الكبير بقفصة في شهر نوفمبر القادم . واشار الى انه تم في الاطار نفسه وضع برنامج كبير لتحويل المياه من الشمال الى الوسط والمناطق الداخلية بالاضافة الى برنامج لتحلية مياه البحر وخاصة من جنوب صفاقس الى الحدود التونسية بتمويل عمومي وهو ما يؤكد الحاجة الى ايلاء موضوع التصرف في المياه الأهمية التي يستحقها.واكد ضرورة عقلنة الاستغلال وحسن التصرف في الموارد خاصة وأن سعر المتر المكعب من مياه البحر المحلاة يصل الى دينارين اثنين بينما لا تتجاوز تسعيرته الحالية 700 مليم.

الرئيس المدير العام للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه: الموارد المائية تأثرت بالجفاف 

وقال محمد الداهش الرئيس المدير العام للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه ان البلاد تمر بصائفة جافة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب بالنظر الى أن الموارد المائية الجوفية وخاصة بشمال شرق البلاد تأثرت بالجفاف لذلك تسعى الشركة الى توزيع النقص بين كل الجهات حتى لا تبقى منطقة دون ماء في انتظار إنجاز المشاريع القادمة التي ستخفف من حدة النقص.

وينتظر أن تكون هذه السنة آخر سنة في العجز المائي بحسب قوله مع دخول بداية من سنة 2017 حتى سنة 2030 مشاريع استراتيجية هامة حيز الاستغلال ستمكن من تحقيق موازنة مائية إيجابية وخاصة منها مشاريع تعزيز الموارد المائية وشبكات الجلب والتوزيع والمقدرة تكاليفها 418 مليون دينار.

اعداد : سناء الماجري